تشهد الوضعية الجوية بالمغرب خلال هذه الفترة تأثيرات ملحوظة ناجمة عن اضطرابات مناخية متواصلة، غير أنها لا تُعد استثنائية من الناحية المناخية، وفق ما أكده الحسين يوعابد، رئيس مصلحة التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء.
وأوضح يوعابد أن شهر دجنبر يُصنف تاريخيًا ضمن الفترات التي تعرف تأثر البلاد بالمنخفضات الأطلسية والعلوية المصحوبة بكتل هوائية باردة، مشيرًا إلى أن خصوصية الوضع الحالي تكمن في تزامن عدة ظواهر جوية خطِرة في آنٍ واحد، خاصة بعد سنوات من الجفاف وضعف التساقطات.
وأضاف أن هذه الظواهر تتمثل أساسًا في تساقطات ثلجية كثيفة، وأمطار غزيرة خلال فترات زمنية وجيزة، إلى جانب هبوب رياح قوية، وهو ما يرفع من مستوى المخاطر المحتملة، لا سيما على مستوى البنيات التحتية وحركة السير، ويجعل آثارها أشد من المعدلات الموسمية المعتادة.
وفي ما يتعلق بالتوقعات الجوية، أفاد المسؤول بأن المغرب يعيش خلال الأسبوع الجاري حالة من عدم الاستقرار الجوي المستمر، نتيجة تأثره بمنخفض جوي علوي نشط مصحوب بكتلة هوائية باردة في الطبقات العليا، ما يؤدي إلى تسجيل أمطار وزخات رعدية بعدد من المناطق، إضافة إلى تساقطات ثلجية مهمة فوق مرتفعات الأطلس والريف ابتداءً من علو 1400 متر.
وأشار إلى أن التحاليل والنماذج العددية متوسطة المدى تُظهر استمرار نشاط التيار النفاث في وضعية ملائمة لعبور اضطرابات أطلسية متتالية، مع توقع تعاقب فترات غير مستقرة وأخرى أكثر استقرارًا نسبيًا، فضلاً عن احتمال تشكّل منخفضات علوية معزولة قد تُعيد الأجواء الممطرة أو الثلجية، خصوصًا بالمناطق الجبلية، والشمال، والوسط.
وبخصوص التغيرات المناخية، أكد يوعابد أن دراسة السلاسل المناخية الطويلة تكشف عن تزايد تواتر الظواهر الجوية القصوى بالمغرب خلال العقود الأخيرة، حيث أصبحت التساقطات تميل إلى التركز في فترات قصيرة مقابل امتداد فترات الجفاف، ما يزيد من هشاشة البلاد أمام الفيضانات المفاجئة وتساقطات الثلوج الكثيفة.
كما أشار إلى أن أحدث تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تُصنّف منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، التي ينتمي إليها المغرب، ضمن المناطق الأكثر عرضة لتنامي الظواهر المناخية المتطرفة نتيجة ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة.
وعلى مستوى الرصد والإنذار المبكر، أبرز المتحدث أن المديرية العامة للأرصاد الجوية تعتمد منظومة متكاملة تشمل مراكز جهوية، ومحطات رصد أوتوماتيكية، ورادارات مطرية، وصور الأقمار الاصطناعية، إلى جانب نماذج عددية عالية الدقة، ما يُمكّن من تتبع تطور السحب الرعدية وشدة التساقطات، وإصدار نشرات إنذارية استباقية للحد من المخاطر المحتملة.

